بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

كنيسة حوفا


كنيسة حوفا: وشم على جبين شمال الأردن أحاله الإهمال أثرا بعد عين


محدودية المخصصات المالية شكوى دائمة لمسؤولي دائرة الآثار العامة في بلد يُوصف بمتحف أثري
* نسبة كبيرة من سكان بلدة حوفا لا تعرف عن وجود الكنيسة رغم قيمتها الفنية والمعمارية

سليمان قبيلات
إربد - حفرَ الإهمالُ عميقاً في جسدِ كنيسةٍ بيزنطيةٍ اكتشفت في العام 1992 على الخاصرة الشمالية لبلدة حوفا الوسطية في أقصى شمال غرب محافظة إربد، فانتزع أجزاء من فسيفساء المكان الذي تحول الى "مكرهة صحية"، على الرغم من ادعاء حراسة رسمية لا أثر لها في الموقع المنكوب.
الكنيسة التي تطل بقاياها بعناد على وادٍ سحيقٍ تتشبث بما تبقى من قطع فسيفسائية عاثت بها يد العبث، وسط إهمال رسمي لموقع تاريخي استملكته الحكومة، لكن واقعه يؤكد أنها لا تلقي إليه بالاً على الرغم من تعيينها حارساً لا يحرس المكان.
الى الغرب من الكنيسة يرتفع تل أثري تختفي هو الآخر معالمه تحت عشرات المنازل التي تبدو أسوارها الخارجية مشيدة من حجارة أثرية انتزعت من التل أو من ركام الكنيسة خلال العقود الماضية، وهو ما أكده الثمانيني حسن شوباش العزام.
العزام بدا وكأنما يستعيد صورة البلدة قديما، وهو يتحدث عن الآثار التي كانت تغطي مساحات واسعة من حوفا، إلا أن التكاثر السكاني وانحسار الوعي بقيمتها جعلا الاعتداء عليها سلوكاً مستقراً لدى السكان، مستذكراً أن أسواراً وجدراناً طويلة كانت بادية للعيان فجرى انتزاع حجارتها أو البناء فوقها أو تجريفها.
الباحثة رُبى أبو دلو التي اجرت تنقيبات في موقع الكنيسة العام 1992، أرجعت تاريخ الكنيسة إلى معمار أواخر القرن الخامس والقرن السادس الميلاديين، موضحة أن الكنيسة كانت تشغل مساحة 420 متراً مربعاً، وتضم أروقة ثلاثة؛ الاوسط والشمالي والجنوبي.
وكشفت تنقيبات أبودلو عن أرضيات فسيفسائية غطت منطقة الكنيسة وأروقتها الثلاثة وكانت تحمل أشكالا هندسية ونباتية وزخارف وكتابات يونانية مُهمّة، أوضحت أبو دلو أنها عبارة عن "كتابات تذكارية لإحياء ذكرى أُختين وصلوات لخلاص العباد"، إضافة الى اسماء اشخاص وكهنة "تفيد المتخصصين في علم الكتابات القديمة وفكفكتها"، فضلا عن "زخرفة تحمل معاني لرموز دينية مثل الصليب الذي يرمز الى الايمان بارتكازه على قاعدة شجرة الحياة، والطاووس الذي كان رمزاً للحياة".
وعلى الرغم من عدم وضوح المعنى العام لهذه الرموز، توقعت أبو دلو أنها قد تمثل صوراً استعارية وضعت عند المدخل لتوجه رسالة ذات معنى محدد، مؤكدة أن الرموز في الكنائس تبقى موضوعاً بحاجة الى بحث عميق ودراسة مستفيضة.
وأضافت أنه عثر على عدد قليل من المكتشفات مثل الكسر الفخارية وقطع العملة التي يعود تاريخها الى الفترة (518-527 ) للميلاد في عهد الامبراطور الروماني جوستين الاول، اضافة الى صليب من البرونز معلق بسلسلة وكسر زجاجية تعود الى الفترات الرومانية والبيزنطية. ويقع في الجهة الغربية للكنيسة قبران من الصخر.
والكنيسة التي لم تشهد عناية واهتماما منذ العام 1992 تتدثر بالصمت القسري تحت أعشاب جافة، بينما يبدو حوض التطهر في مدخل بنائها مليئاً بالقاذورات، فيما يغص نفق المقبرة بالأوساخ والأنقاض.
تاريخيا، أشار ياقوت الحموي في معجم البلدان الى (حوفا )عندما ذكر أن الحوف، هو القرية في بعض اللغات والجمع احواف والحوف بمصر حوفان الشرقي والغربي وهما متصلان اول الشرقي من جهة الشام وآخر الغربي قرب دمياط يشتملان على بلدان وقرى كثيرة وقد ينسب اليها (قسيم بن احمد بن الحوفي) وغيره، اضافة الى حوف رمسيس موضع آخر بمصر.
وحوف، كما يقول ابن منظور، الحافة- والحوف الناحية والجانب. والمرجح أن التسمية منقولة، حيث درج السكان على نقل اسماء مناطقهم بانتقالهم الى مناطق اخرى.
واستنادا الى آراء اهالي المنطقة فإنه يتضح أنهم أطلقوا هذه التسمية عليها لان الاودية تحف بها من كل جانب.
وعلى الرغم من تأكيده أنه زار موقع الكنيسة قبل نحو شهر، فقد كان مفاجئاً لمفتش آثار اربد وجيه الكراسنة أن يسمع عن الحال الكارثية للمكان، مستغرباً بعد أن أقرّ بمسؤولية دائرته عن الموقع عدم التزام الحارس الذي جرى تعيينه قبل ثلاثة أشهر.
لكن كراسنة الذي أوضح أنه يجري القبض على حالتين أو ثلاث حالات شهرياً من الاعتداء على الآثار في محافظة اربد تجري معاقبة مرتكبيها حسب نصوص القانون، لم يُشر الى أي حالة اعتداء على موقع كنيسة حوفا الوسطية على الرغم من سوء أوضاعها.
ويعاقب قانون الآثار رقم 21 لسنة 1988 وتعديلاته في مادته 26 بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار وبما يتناسب مع قيمة الاثر.
ويورد القانون تسع جرائم تعد اعتداء على الآثار، وتشمل التنقيب من دون الحصول على رخصة بمقتضى القانون، والاتجار بالاثار او المساعدة او المشاركة او التدخل او التحريض عليه، اضافة الى القيام بإتلاف او تخريب او تشويه الاثار او تغيير معالمها، وتزوير أي أثر او تزييفه او امتناع عن او تخلف عن تسليم آثار مكتشفة، سواء كان يحمل رخصة للتنقيب او لم يكن يحملها. كما يعاقب القانون على سرقة الاثار أو المتاجرة بها أو بالمقلدة وبيعها بصفتها آثاراً أصلية.
وحوفا الوسطية بلدة في شمال الأردن يبلغ عدد سكانها نحو 6 آلاف نسمة، وتبعد عن مدينة إربد 12 كيلومترا، وتمتد حاليا على مسافة أكثر من 6 كم وتشتهر بتربتها الخصبة وبزراعة الأشجار المثمرة، خصوصا الزيتون واللوز والحمضيات.
وتحيط حوفا أودية عميقة من جهاتها الاربع، وهي تحاذي بلدات صمّا من الجهة الغربية والخراج وقميم من الجهة الشمالية وكفرعان من الجهة الشرقية وابسر أبوعلي من الجهة الجنوبية.
وتتميز البلدة باتساع البقعة الصالحة للزراعة وتنوعها من سهلية ومنحدرة وارض عميقة وصخرية ووعرة، وفيها أقدم معصرة للزيتون في المنطقة.
كذلك تشتهر البلدة بزراعة اللوز الاخضر وتعتبر من أهم المناطق في انتاجه، اضافة الى زراعة القمح والشعير، على الرغم من أن غالبية السكان هجرت الزراعة، خصوصا في العقد الاخير ليتجهوا إلى العمل الحكومي ذي الطابع الاداري، وهو ما تفاقم بفعل انحدار مستويات المعيشة وموجة الغلاء وانحسار مردود الانتاج الزراعي.
وفي دراسة مقارنة لنسقها المعماري الفني مع كنائس خلدا في العاصمة عمان واليصيلة وقم الاولى وقم الثانية، أنجز الباحث محمد هشام العزام مطلع العام الحالي رسالة ماجستير عن كنيسة حوفا، استنادا الى ما جرى اكتشافه وتوثيقه سابقا.
واكد العزام في دراسته المقارنة أن كنيسة حوفا الوسطية تتميز بالحنايا المتساوية الأقطار التي تعد نمطاً معمارياً فريدا مقارنةً مع تلك الكنائس.
وأوضح الباحث العزام أن الكنيسة شُيِّدت على النظام البازيلكي وهي تتكون من ثلاثة أروقة وحنيتين في نهاية الرواقين الاوسط والشمالي، مشيرا إلى أنه تلحق بالكنيسة ساحة خارجية أرضية جزء منها فسيفسائية وهي تتقدم منطقة المدخل وعثر فيها على حفرة تخزينية ومقبرة.
وعرض العزام، الذي يبدي شغفا يقوده إلى ناستالجيا لموروث الأرض الأردنية، مسلسل التدمير الذي طاول الكنيسة عبر العصور، معتبرا أن ما تتعرض له الآثار في كثير من مناطق المملكة يعد جريمة ترتكب في وضح النهار وعلى مرأى من الشهود.
والنظام البازيلكي واحد من أربعة طرز معمارية استخدمت في عمارة الكنائس واقتبسه معماريو بيزنطة الشرقية من البازيلكي الرومانية (المعابد) التي تتميز بكونها مساحة مستطيلة مقسمة بأعمدة إلى ثلاث بوائك أكثرها اتساعا البائكة الوسطى، وظل هذا الطراز سائدا في عمارة الكنائس البيزنطية الرومانية الشرقية حتى القرن السادس الميلادي، بينما ظل منتشرا في أوروبا حتى القرن الثامن الميلادي.
أبو دلو أشارت الى أن المسوحات الأثرية المبكرة لم تذكر موقع حوفا الاثري بشيء من التفصيل، لافتة الى أن الرحالة شوماخر وصف البلدة خلال زيارته لها في العام 1886، بـ"قرية جيدة البناء وتحتوي على 50 منزلا صغيرا مبنيا من الحجارة ويبلغ عدد سكانها 350 نسمة منهم عائلتان مسيحيتان".
ويتطرق شوماخر الى موقع أثري آخر مجاور للكنيسة هو مرقد (الولي الشيخ سعد) في الجهة الشرقية من القرية. ويبدو انه المقام نفسه الذي يطلق عليه (مقام الشيخ صالح)، والتسمية الحديثة ليست تسمية حقيقية بل هي وصف لرجل قد يكون سعدا أو غيره يتسم بالصلاح، موضحا أن المدخل إلى ساحة الشيخ يكون عقب العتبة الحجرية التي تحمل نقوشات وتزيينات جميلة وكتابات قرآنية كتبت بدقة.
ويذكر شوماخر ان في الموقع آبارا محفورة في الصخر وكهفا ومعاصر للزيتون والعنب.
أما عالم الاثار الاميركي نلسون جلوك الذي أجرى مسحا اثريا في العام 1951 فأشار الى وجود كسر فخارية تعود الى الفترات الرومانية والبيزنظية والاسلامية.
مسح أثري آخر أجرته الباحثة أبو دلو في المرتفع الذي تقع عليه قرية حوفا والمنحدرات المحيطة أظهر منشآت قديمة، و25 بئر ماء منتشرة في عدد من المناطق الصخرية والسكنية في الموقع، اضافة الى معاصر نبيذ محفورة في الصخر ومقالع حجرية غطت مساحات واسعة من المنطقة.
ودلّت النماذج الفخارية التي عثر عليها أثناء المسح على أن الموقع كان مأهولاً خلال العهود الرومانية والبيزنطية والإسلامية.
ويثير الوضع المأساوي لمتبقيات الكنيسة التي جرى اكتشاف أرضياتها صدفة في العام 1992خلال فتح طريق زراعية أسى الشاب حسن لبابنة الذي أوضح أنه كان شاهد عيان على الكشف الاول لقطع الفسيفساء، ما دفعه الى ابلاغ دائرة آثار اربد، التي عملت لاحقا على التنقيب في الموقع ودراسته واستملاكه وترميم مساحة 500 متر مربع بمبلغ نحو 7500 دينار، فضلا عن تعيين حارس للموقع.
وتعد محدودية المخصصات المالية شكوى دائمة لمسؤولي دائرة الاثار العامة في بلد يُوصف بمتحف أثري، وهو ما أكده أخيراً المدير العام للدائرة فواز الخريشا، الذي أوضح أن استراتيجية الدائرة للعام الحالي تركز على ترميم المواقع الأثرية بالدرجة الأولى.
وقال الخريشا في تصريحات سابقة ان مخصصات دائرته متواضعة ولا تكفي لإتمام مشاريع قائمة، خصوصا في عمليات الترميم واستملاك مواقع يشغلها مواطنون حاليا، مبينا أن 6.571 مليون دينار مخصصة لانجاز مشاريع تعتزم الدائرة تنفيذها.
وفي إشارة الى مشكلة عابرة للعقود قال الخريشا إن فترة إمارة شرق الاردن (1921 - 1951) شهدت إقدام مواطنين على استملاك أراض تضم مواقع أثرية يقتضي الحال أن تكون ملكاً للدولة، بينما لا يتجاوز مليون دينار ما خصصته دائرة الاثار هذا العام لترميم المواقع الأثرية في المملكة.
ومن بين أهم مشاريع الترميم التي تنفذها دائرة الاثار العامة، مشروع قصر الحلابات وبعض أجزاء جبل القلعة في العاصمة، والقصور الصحراوية في مناطق الازرق وأم الرصاص، اضافة الى المدرج الغربي في مدينة أُم قيس.
ولا تكفي القدرات المادية للدائرة لاعادة استملاك تلك الاراضي، وهو ما قال الخريشا انه راكم مبالغ مطلوبة للاستملاك، موضحا أن الاموال المطلوبة لاستملاك المواقع الاثرية بلغت قبل عامين 27 مليون دينار.
وأضاف ان الدائرة طلبت 1.2 مليون دينار خلال العام الحالي من موازنة وزارة السياحة لاعادة استملاك الاراضي، لكن الدائرة لم تحصل سوى على 600 ألف دينار من الموازنة العامة.
وأظهرت إحصاءات صادرة عن وزارة السياحة والآثار أن دخل الاردن من قطاع السياحة الذي يشكل 11 % من الناتج المحلي الإجمالي بلغ العام الماضي 2.1 بليون دينار.
وتظهر أرقام رسمية أن 813.2 ألف سائح زاروا العام الماضي المواقع السياحية والاثرية الأردنية، وفي مقدمها مدينة البتراء الاثرية.
ولا تعرف نسبة كبيرة من سكان بلدة حوفا التي تتبع لبلدية الوسطية عن وجود الكنيسة التي يؤكد الباحث العزام أنّ لها قيمة فنية ومعمارية كبيرة، موضحا أنه لا بد من دراسة الموقع الذي يمكن من خلاله الاستدلال على تاريخ المنطقة والاحاطة به.
وفي المملكة 13 الف موقع أثري صغير وكبير مسجلة في قاعدة بيانات دائرة الاثار العامة، وتتوفر حولها معلومات، وهي كما تؤكد الدائرة تشكل نزرا يسيرا من المواقع الاثرية في المملكة.
ويُقر متصرف الوسطية بدر القاضي بالوضع المأساوي لموقع كنيسة حوفا والمقام المجاور الذي لم يكن في منأى عن التخريب والتدمير، لافتا الى ان الافتقار للمعلومات لا يؤهل لتكوين فكرة عن موقع الكنيسة. لكنه قال ان المتصرفية ستخاطب دائرة الاثار العامة لحثها على وضع الموقع على أجندة اهتماماتها.
واضاف انه سيجتمع مع مفتش آثار اربد للتنسيق في هذا الخصوص بعد زيارة الموقع، وتحديد ما يحتاجه من مقومات للمحافظة على بقائه أمام العبث والسطو.
وعلى الرغم من تردي أوضاع كنيسة حوفا يقول الناطق الاعلامي باسم دائرة الآثار العامة الدكتور رافع حراحشة ان ترميم الكنيسة وصيانتها غير مدرج على أجندة العام الحالي، لافتا الى أن مخصصات مالية سترصد لهذا الغرض في العام المقبل. واستغرب حراحشة أن يبلغ سوء الاحوال في موقع الكنيسة حد تحوله مكرهة صحية، أبو دلو وقال انه سيجري اتصالات مع مفتش آثار اربد لتدارك الامر، موضحا أن في مقدور مكتب آثار اربد توجيه ورشة نظافة الى الموقع، وبشكل دوري.
وبعدما اعتبرت تراث الأردن الأثري موردا ثقافيا لا يُعوّض، أشارت الباحثة ابو دلو الى أن الأردن من أكثر دول العالم في التنقيب الأثري، مؤكدة أهمية اتباع خطط علمية في البحث والتنقيب والتسويق السياحي للاردن الذي يعد متحفاً أثرياً كبيراً.
ولاحظت أن في المملكة مئات المواقع الأثرية والسياحية ذات القيمة التاريخية التي ينبغي الاهتمام بها بشكل منهجي ومؤسسي لئلا تندثر معالمها كما حدث في كثير من المناطق، ما يستدعي وعيا مؤسسيا لحماية التراث الحضاري وإدارته بوصفه رصيدا وذاكرة لا تنضب.
وفي هذا الخضم، تشير ابو دلو الى أن هناك مواقع أثرية أُخرى مثل اليصيلة في لواء الرمثا ووادي الشلالة وقم وتل الفخار وزيرقون جرت دراستها واستملاك بعضها وتعيين عدد من الحراس فيها، لكن واقعها الحالي يؤكد أنها بلا اهتمام أو متابعة من الجهات المسؤولة.
وتتساءل عمّا جرى من تطوير لموقع حوفا الذي مضى على اكتشافه أكثر من ستة عشر عاما، فـ"لم تقم الجهات المسؤولة خلالها بأي جهد سوى دفع اجور حارس المكان ان كان ذلك يعد جهداً"، على ما ترى أبو دلو.
وقالت: "ان ارضية الموقع ما تزال مغطاة بقطع من البلاستيك وفوقها طبقة من الرمل الناعم، ومع مرور 16 عاما عادت الاعشاب تنمو فوق الموقع في ظل غياب التنظيف والاهتمام، فضلا عن تعرض جزء من الفسيفساء للتخريب والتدمير"، متسائلة عن دور الجهة المشرفة في تحسين أحوال الموقع ومراقبته.
من جهته، أكد مدير اوقاف محافظة اربد جمال بطاينة أن مسؤولية حراسة مقام الشيخ صالح تقع على عاتق بلدية الوسطية، مشيرا الى ان هناك اتفاقية في هذا الخصوص تؤكد أن المقامات تتبع لوزارة الاوقاف لكنها اداريا تتبع للبلديات. وقال ان مسؤولية البلدية ان تنشئ سورا حول المقام وتقوم على صيانته ورعايته، "فما ينطبق على المقابر التي تتولاها البلديات ينطبق على المقامات"، حسب البطاينة.
لكن رئيس بلدية الوسطية عماد العزام، يؤكد أنه اتفق مع وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية عبدالفتاح صلاح خلال زيارته للمنطقة قبل نحو اسبوعين على ان تقوم الوزارة بصيانة مقامي الشيخ صالح في منطقة حوفا والشيخ عظيم في الوسطية وتعيين حارسين لهما.
وقال ان البلدية تعاني شحّاً في مواردها المالية وهو ما ينعكس على مشاريعها والتزاماتها، خصوصا وان هناك حاجة ماسّة لتسوير مقبرة البلدة وهو ما يعتبر اولوية.
ولا تتجاوز ميزانية بلدية الوسطية للعام الحالي مليون دينار تستحوذ رواتب الموظفين والعاملين على نسبة كبيرة منها.
وفي مقاربة ذات مغزى ختم الباحث محمد العزام حديثا ذا شجون عن المكان الذي يعشق: عبر الزمن لم تكن حوفا المكان زخرفا للتأنق، ولكنها كانت بيئة لتشكل ملامح انسانها ومعمارها فتركت بصمات شخصيتها على ناسها واشجارها. ولفت الى ان حال كنيسة حوفا يثير ثنائية من سخرية وشفقة في مكان عرف كيف يتعايش مع انتظار القادم المجهول محملاً بأمل التغيير.
والحال هكذا اختتم العزام حديثه واصفا حال الموقع بقوله "لعلّ كنيسة حوفا تعد وشماً على جبين الشمال لكن الإهمال أحاله أثراً بعد عين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق